تعد القهوة مشروباً شهيراً جداً، وهو ينتشر في جميع أنحاء العالم، حيث إنه يحوي على مادة الكافيين التي تعد من منبهات الجهاز العصبي المركزي.
لا يساعدك فنجان القهوة اليومي على الشعور بالنشاط وحرق الدهون وتحسين الأداء البدني فحسب، بل قد يقلل أيضاً من خطر الإصابة بالعديد من الحالات المرضية، مثل مرض السكري من النوع الثاني والسرطان ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون، وقد يزيد تناول القهوة من طول العمر.
وفي دراسة حديثة، وجد الباحثون أن استهلاك القهوة بكميات كبيرة يرتبط بالاختلافات في أحجام الدماغ أو احتمالات الإصابة بالخرف أو السكتة الدماغية، فماذا وجد الباحثون في هذه الدراسة؟
* الفوائد الصحية للقهوة
- بفضل المستويات العالية من مضادات الأكسدة والعناصر الغذائية المفيدة، يمكن أن تجعلك تتمتع بصحة جيدة. وتشير الكثير من الدراسات إلى أن من يشربون القهوة باعتدال أقل عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة، ونورد في ما يأتي أهم 13 فائدة صحية للقهوة مؤكّدة بدراسات علمية:
- يمكن أن تحسّن من مستويات الطاقة وتجعلك أكثر ذكاءً. إذْ يمكن للقهوة أن تساعد الناس على عدم الشعور بالتعب وتزيد من مستويات الطاقة. هذا لأنها تحوي على الكافيين، وهي المادة ذات التأثير النفسي الأكثر شيوعاً في العالم.
- يمكن أن تساعدك على حرق الدهون. يوجد الكافيين في كل مكمل تجاري لحرق الدهون تقريباً، ولذلك يعد أحد المواد الطبيعية القليلة التي ثبت أنها تساعد في حرق الدهون.
- يمكن أن تحسن بشكل كبير من الأداء البدني. حيث يحفز الكافيين الجهاز العصبي، ويرسل إلى الخلايا الدهنية لتفتيت دهون الجسم.
- تحوي على العناصر الغذائية الأساسية. إذ إنّ كل كوب قهوة يحوي على:
1. الريبوفلافين (فيتامين B2): 11% من الكمية الموصى بها يومياً.
2. حمض البانتوثنيك (فيتامين B5): 6% من الكمية الموصى بها يومياً.
3. المنغنيز والبوتاسيوم: 3% من الكمية الموصى بها يومياً.
4. المغنيسيوم والنياسين (فيتامين B3): 2% من الكمية الموصى بها يومياً.
- قد تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. يُعد مرض السكري من النوع الثاني مشكلة صحية كبيرة تؤثر حالياً على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
- قد تحميك من مرض ألزهايمر والخرف. مرض ألزهايمر هو أكثر أمراض التنكس العصبي شيوعًا والسبب الرئيسي للخرف في جميع أنحاء العالم.
- قد تقلل من خطر الإصابة بمرض باركنسون. يعد مرض باركنسون ثاني أكثر الأمراض العصبية شيوعاً بعد مرض ألزهايمر.
- قد تحمي الكبد. العديد من الأمراض الشائعة تؤثر بشكل أساسي على الكبد، بما في ذلك التهاب الكبد وأمراض الكبد الدهنية وغيرها الكثير، ويمكن للقهوة الحماية منها.
- يمكن أن تحارب الاكتئاب وتجعلك أكثر سعادة. الاكتئاب هو اضطراب عقلي خطير يؤدي إلى انخفاض كبير في نوعية الحياة. وهو مرض شائع جداً، حيث إن نحو 4.1% من الأشخاص في الولايات المتحدة يستوفون حالياً معايير الاكتئاب السريري.
- قد تقلل من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم.
- لا تسبب أمراض القلب وقد تقلل من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية. غالباً ما يُزعم أن الكافيين يمكن أن يرفع ضغط الدم. هذا صحيح، ولكن مع ارتفاع يراوح بين 3 و4 مم/ زئبق فقط، يكون التأثير ضئيلاً ويتبدد عادةً إذا كنت تشرب القهوة بانتظام.
- قد تساعدك على العيش لفترة أطول. نظراً لأن شاربي القهوة أقل عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض، فمن المنطقي أن تساعدك القهوة على العيش لفترة أطول.
- تعد أكبر مصدر لمضادات الأكسدة في النظام الغذائي الغربي. بالنسبة للأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً غربياً قياسياً، قد تكون القهوة أحد الجوانب الصحية لنظامهم الغذائي.
* كيف يؤثر الكافيين على الدماغ؟
نظراً لارتفاع قابلية الذوبان في الدهون والتشابه الهيكلي مع الأدينوزين، فإن الكافيين يعبر بسهولة حاجز الدم في الدماغ لربطه مع مستقبلات الأدينوزين. إنه يحفز إفراز الغدة الكظرية للكاتيكولامينات، وهو ناقل عصبي مثير يتوسط التأثيرات على الإدراك والعاطفة والوظيفة الحركية. ومن ثم، من المعروف أن الكافيين له تأثيرات فيزيولوجية واسعة تؤثر على أنماط النوم والمزاج والنشاط الحركي ومعدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم الأساسية واستهلاك الأكسجين.
هناك آليات يمكنها التوسط في الدور المحتمل للقهوة في مورفولوجيا (شكل وبنية) الدماغ وخطر الإصابة بالخرف والسكتة الدماغية، وعلى سبيل المثال، قد تحدث تغيرات في حجم الدماغ بسبب ارتباط الكافيين المضاد بمستقبلات الأدينوزين، ما يؤدي إلى حدوث تغير في شكل الألياف أو الخلايا الهرمية وتقليل نقل المعلومات.
ومع ذلك، لا يوجد سوى عدد قليل من الدراسات التي تبحث في الارتباط بين تناول القهوة وحجم الدماغ. معظم الدراسات طولية وتتفاوت في الحجم بين 45 و2914 مشاركاً، وتشير إلى نتائج غير متسقة، فهي إما تشير إلى ارتباط إيجابي أو سلبي بين استهلاك القهوة وأحجام الدماغ الإقليمية أو الكلية.
وقدمت دراسة عشوائية من Mendelian دليلًا على التأثير الضار المحتمل لارتفاع استهلاك القهوة على خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، حيث يزيد كل فنجان من القهوة من الخطر بنسبة 26%، ومع ذلك، فإن الأدلة القائمة على الملاحظة غير متسقة، ومن بين أحدث 11 دراسة طولية حول تناول القهوة المعتاد وخطر الإصابة بالخرف، دعمت خمس دراسات تأثيراً وقائياً محتملاً، بينما لم تجد ست دراسات أي ارتباط.
وفي دراسات أخرى عن استهلاك القهوة وجدت أنه غالباً ما يكون غير شاربي القهوة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض مقارنة بشاربي القهوة، وهو ما قد يعكس العلاقة السببية العكسية الناشئة عن الامتناع عن استهلاك القهوة بسبب رد الفعل الضعيف (ارتفاع ضغط الدم، وزيادة معدل ضربات القلب) أو المخاوف الصحية الحالية.
وقد وجد الباحثون أن استهلاك القهوة غير المفلترة (وأنواع القهوة الأخرى بدرجة أقل) يزيد من الكوليسترول الكلي في الدم وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة ومستويات الدهون الثلاثية. هذه التشوهات الدهنية هي عامل خطر رئيسي لتصلب الشرايين، والذي ارتبط بمرض ألزهايمر، بصرف النظر عن أمراض الدماغ الأخرى.
* نتائج الدراسة الجديدة
أجرى الباحثون تحليلات مستقبلية لاستهلاك القهوة المعتاد على 398646 مشاركاً في البنك الحيوي في المملكة المتحدة (تراوح أعمارهم بين 37 و73 عاماً)، بما في ذلك 17702 مشارك لديهم معلومات التصوير بالرنين المغناطيسي. وقاموا بفحص الارتباطات بحجم الدماغ باستخدام الانحدار الخطي المتغير المعدل، ومع احتمالات الإصابة بالخرف (4333 حالة حادثة) والسكتة الدماغية (6181 حالة حادثة) باستخدام الانحدار اللوجستي.
وقد وجد الباحثون ظهور ارتباطات خطية عكسية بين استهلاك القهوة المعتاد وحجم الدماغ الكلي، وكان الارتباط بين استهلاك القهوة والخرف غير خطي، مع وجود دليل على وجود احتمالات أعلى لمن يشربون القهوة منزوعة الكافيين وأولئك الذين يشربون أكثر من 6 أكواب في اليوم، مقارنة مع شاربي القهوة بشكل خفيف. وقد ارتبط استهلاك أكثر من 6 أكواب في اليوم باحتمالات أعلى بنسبة 53% من الإصابة بالخرف مقارنة باستهلاك 1-2 كوب في اليوم، مع أدلة أقل لحدوث الخرف، وكان هناك ارتباط بالسكتة الدماغية.
في الختام، وجدت الدراسة وجود ارتبط بين ارتفاع استهلاك القهوة خطياً مع صغر حجم الدماغ، والمادة الرمادية، والمادة البيضاء، وأحجام قرن آمون، وتدعم الدراسة أيضاً الاقتراح القائل بأن استهلاك القهوة بكثرة قد يكون مرتبطاً بزيادة احتمالات الإصابة بالخرف.
ولكن حتى هذه الدراسة الحديثة لا يمكنها تأكيد العلاقة السببية الكامنة وراء هذا الارتباط، لأن هذه النتائج تتطلب دراسات مضبوطة بعناية لتوضيح الآثار المفيدة والضارة للقهوة على الدماغ.
ويرى الباحثون أن هذه الدراسة الحديثة توفر رؤى حيوية حول استهلاك القهوة بكثرة وصحة الدماغ، ولكن كما هو الحال مع العديد من الأشياء في الحياة، فإن الاعتدال هو المفتاح. وجنباً إلى جنب مع الأدلة الجينية الأخرى والتجربة العشوائية المضبوطة، هذه البيانات تشير بقوة إلى أن ارتفاع استهلاك القهوة يمكن أن يؤثر سلباً على صحة الدماغ.
* الخلاصة
تعد القهوة من أشهر المشروبات غير الكحولية، حيث يتجاوز الاستهلاك العالمي تسعة بلايين كيلوغرام كل عام، وقد أشارت الدراسة التي أجريت في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، إلى ارتباط ارتفاع استهلاك القهوة (أكثر من ستة أكواب من القهوة يومياً) بتأثيرها على حجم الدماغ ونسبة 53% احتمالات أعلى للإصابة بالخرف.لذلك يبقى الاعتدال في تناول هذا المشروب المفضّل لدى الكثير من الناس هو أفضل الاختيارات.