السمنة وباء يعاني منه أكثر من ثلث البشر، ويصيب أجهزة الجسم المختلفة مثل القلب والرئتين والأوعية الدموية، ويسبب مرض السكر والتهابات العظام وغير ذلك، ويظل مصاحبا للمريض طيلة حياته، لذا فعلاج السمنة يجب أن يكون مدى الحياة وبمعرفة فريق طبي متكامل، وفي تخصصات مختلفة.
* داء السمنة ينتشر في المجتمعات المختلفة
السمنة لا تستثني أي مجتمع أو دولة فتصيب الأغنياء والفقراء، والمجتمعات المتحضرة والمتأخرة، ومما يثير الدهشة أن الغنى والفقر حالتان اجتماعيتان متناقضتان إلا أن السمنة تنتشر فيهما جميعا.
فبينما قد يكون من المفهوم أن ساكني المجتمعات الغنية والأغنياء يتعرضون للإصابة بالسمنة، لكثرة وتنوع المأكولات والتي يتم ترويجها والإعلان عنها ليل نهار.
إلا أن المجتمعات الفقيرة والفقراء يعانون من السمنة لأنهم لا يملكون رفاهية شراء الأكل الصحي، والذي غالباً ما يكون غالي السعر لأنه يحتوي على البروتينات والفواكه والخضروات، ومن المتفق عليه طبياً أن علاج السمنة متنوع، ويشمل وسائل عدة تبدأ من "الرجيم"، وتغيير نمط الحياة، ثم علاجات بالأدوية ثم التدخلات بالمنظار أو إجراء جراحة لعلاج السمنة المفرطة، ولكي ينجح العلاج لا بد أن يكون تأثيره مستمرا بل ومدى الحياة، ومن الملاحظ أن كل طرق علاج السمنة الفعالة مرتفعة التكلفة سواء كانت دواء أو تدخلا بالمنظار أو جراحة.
ولقد درس الباحثون سبب عدم استمرار نجاح النظم الغذائية، فوجدوا أن السبب الرئيسي غالباً ما يرجع إلى أن من يتبع الرجيم لا يستطيع الاستمرار عليه لأنه يمثل حالة صراع بين العقل والعاطفة، والعادات وإرادة تناول الطعام المحبب للإنسان، ومطلوب أن يظل الإنسان في هذا الصراع باستمرار، مما يجعله يشعر بحرمان دائم يضغط على مشاعره وأعصابه، ثم إن الملل والتعب، وخاصة وقت الضغوط، يجعلان الإنسان – الذي يتبع النظام الغذائي - كثيرا ما ينهار ويصاب بالإحباط ويعود لنظامه الغذائي الأول، فباختصار النظام الغذائي قيد، والإنسان لا يحب القيود.
ويمكن أن يكون هذا الصيام وسيلة نافعة للتخلص من السمنة، والمحافظة على حياة صحية لو وضعناه في الإطار التنفيذي المناسب.
هذا البحث يطرح الاستفادة من الصيام الذي يصومه المسلمون منذ سنوات طويلة، لوضع منظومة لإحداث بعض التغييرات في نظام "الصيام المتقطع" الطبي الذي أثبت فاعليته ليتوافق مع صيام المسلمين ليضمن استمراره مع طقوسهم الدينية مدى الحياة.
ويمكن تحقيق المحافظة على سعرات مناسبة بين الفطور والسحور بالتركيز على شرب السوائل قليلة السعرات مع تناول البروتينات والفواكه والخضار، والبعد عن الحلويات والكربوهيدرات عالية السعرات، ولنضرب نموذجا:
وهو الصيام في غير رمضان حيث هناك صيام تطوع "نفل" يشجع الدين فيه الناس على صيام عدة أيام متتالية حيث تكون نتيجة الصيام سريعة وواضحة في فقدان الوزن، ومثال ذلك:
أما لو أردت الاستمرار في المحافظة على الوزن فعليك بالإثنين والخميس أسبوعيا بنفس النظام الذي ذكرناه سابقاً، وملخصه أنه "صيام بالنهار وانضباط في السعرات بالليل"، والجديد في هذا النظام أنه يجمع بعدا روحيا تحفيزيا، وكذلك يضمن الاستمرارية لأن هناك حافزا دينيا وحافزا صحيا.
وصيام المسلمين كأي علاج للسمنة يجب عمله تحت إشراف طبي حيث يدرس الطبيب حالتك، وينصحك بممارسة الصيام أو الامتناع عنه إذا كان غير مناسب مثل بعض حالات أمراض القلب والكلى والكبد.
المقيمون في الشرق العربي بل الناطقون بالعربية أغلبهم مسلمون يصومون رمضان وأحيانا يصومون كثيراً، ولعل الاستفادة من هذه الروح قد تكون فرصة هائلة لعلاج السمنة المنتشرة في الشرق والغرب.
وختاما، أكرر أن الصيام في الإسلام هو أفضل طرق الصيام المتقطع لأنه يمثل علاجا يمكن تطبيقه بطريقة طبيعية مدى الحياة، ويجمع حافزين – صحيا ودينيا - وهو أيضا قليل التكلفة مضمون النتائج.
المصادر
Islamic fasting and weight loss: A systematic review and meta-analysis
فبينما قد يكون من المفهوم أن ساكني المجتمعات الغنية والأغنياء يتعرضون للإصابة بالسمنة، لكثرة وتنوع المأكولات والتي يتم ترويجها والإعلان عنها ليل نهار.
إلا أن المجتمعات الفقيرة والفقراء يعانون من السمنة لأنهم لا يملكون رفاهية شراء الأكل الصحي، والذي غالباً ما يكون غالي السعر لأنه يحتوي على البروتينات والفواكه والخضروات، ومن المتفق عليه طبياً أن علاج السمنة متنوع، ويشمل وسائل عدة تبدأ من "الرجيم"، وتغيير نمط الحياة، ثم علاجات بالأدوية ثم التدخلات بالمنظار أو إجراء جراحة لعلاج السمنة المفرطة، ولكي ينجح العلاج لا بد أن يكون تأثيره مستمرا بل ومدى الحياة، ومن الملاحظ أن كل طرق علاج السمنة الفعالة مرتفعة التكلفة سواء كانت دواء أو تدخلا بالمنظار أو جراحة.
* السبب وراء عدم نجاح النظم الغذائية
حاول أغلب الناس اتباع نظام غذائي معين فيه التزام بنوعيات معينة من الأكل وكميات معينة وأوقات معينة، وما اتفق عليه أغلب من مارسوا النظام الغذائي أن النجاح لا يدوم، وأن الوزن الذي ذهب غالبا ما يعود.ولقد درس الباحثون سبب عدم استمرار نجاح النظم الغذائية، فوجدوا أن السبب الرئيسي غالباً ما يرجع إلى أن من يتبع الرجيم لا يستطيع الاستمرار عليه لأنه يمثل حالة صراع بين العقل والعاطفة، والعادات وإرادة تناول الطعام المحبب للإنسان، ومطلوب أن يظل الإنسان في هذا الصراع باستمرار، مما يجعله يشعر بحرمان دائم يضغط على مشاعره وأعصابه، ثم إن الملل والتعب، وخاصة وقت الضغوط، يجعلان الإنسان – الذي يتبع النظام الغذائي - كثيرا ما ينهار ويصاب بالإحباط ويعود لنظامه الغذائي الأول، فباختصار النظام الغذائي قيد، والإنسان لا يحب القيود.
* طرق جديدة للنظم الغذائية
هناك عدة طرق لعمل رجيم أو دايت، ومن أشهرها حاليا ما يسمى "كيتو" و"قرطاي"، ونظام قليل الكربوهيدرات، ثم حديثا الرجيم المتقطع أو الصيام المتقطع "intermittent dieting"، والصيام المتقطع "intermittent fasting" أثبت فاعليته في عدة نواح منها زيادة معدل الحرق، وكذلك كسر مقاومة الإنسولين للتأثير على حرق السكر مما ساعد الكثيرين على فقد الوزن بطريقة سهلة طبيعية لم تحرم المريض من تناول ما يريده، ولكن في أوقات معينة.* صيام المسلمين أحد أشكال الصيام المتقطع
المسلمون أكثر من مليار في بقاع الأرض يصوم الكثير منهم شهر رمضان، وكثير من الأيام الأخرى من باب السنة والنفل، فهم يملكون دافعاً ثابتاً وقوياً للصيام، وحيث إن علاج السمنة يجب أن يكون مدى الحياة، ويا حبذا ألا يكون مكلفاً، لذا فإن الصيام المتقطع بالطريقة التي وضعها الإسلام للمسلمين يمثل وسيلة سهلة وطبيعية وليست مكلفة ولا تحتاج الكثير من الجهد،ويمكن أن يكون هذا الصيام وسيلة نافعة للتخلص من السمنة، والمحافظة على حياة صحية لو وضعناه في الإطار التنفيذي المناسب.
هذا البحث يطرح الاستفادة من الصيام الذي يصومه المسلمون منذ سنوات طويلة، لوضع منظومة لإحداث بعض التغييرات في نظام "الصيام المتقطع" الطبي الذي أثبت فاعليته ليتوافق مع صيام المسلمين ليضمن استمراره مع طقوسهم الدينية مدى الحياة.
* المرحلة الأولى.. اغتنام رمضان كفرصة
ولنبدأ بفكرة إحداث تغيير هام جداً، وهو إخضاع فترة الإفطار بين الفطور والسحور لشيء من ضبط السعرات والتي ستؤدي في نهاية شهر رمضان إلى فقدان قدر مناسب جداً، فلو اعتاد الصائم على حساب السعرات في الفترة بين السحور والفطور بحيث لا تزيد عن 1000 سعر لأغلب الناس مع البقاء متحركاً إلى حد ما يوم الصيام فيمارس المشي أو بعض الرياضة،ويمكن تحقيق المحافظة على سعرات مناسبة بين الفطور والسحور بالتركيز على شرب السوائل قليلة السعرات مع تناول البروتينات والفواكه والخضار، والبعد عن الحلويات والكربوهيدرات عالية السعرات، ولنضرب نموذجا:
- الإفطار على تمرة وماء وكوب شاي كبير بلبن محلى بقليل من العسل + شوربة بدون محتوى.
- بعد ساعة إلى ساعتين يمكن تناول وجبة بروتين (لحم أو دجاج مشوي) + خضار + فاكهة (ليست تمراً) على مدى ربع إلى نصف ساعة.
- بعد ساعتين إلى 3 ساعات يمكن تناول زبادي منزوع الدسم محلى ببدائل السكر.
- السحور جبنه أو فول وقطعة خبز سن وفاكهة طازجة أو خضار.
- يجب شرب سوائل بدون سعرات أو ماء لا يقل عن لترين.
* المرحلة المتقدمة.. صيام النوافل
ويأتي الجزء الثاني أو المرحلة المتقدمة في منهجية الصيام المتقطع عند المسلمين،وهو الصيام في غير رمضان حيث هناك صيام تطوع "نفل" يشجع الدين فيه الناس على صيام عدة أيام متتالية حيث تكون نتيجة الصيام سريعة وواضحة في فقدان الوزن، ومثال ذلك:
- الأيام الثلاثة منتصف الشهر.
- صيام الستة البيض في شهر شوال.
- صيام الأيام الأولى في ذي الحجة.
أما لو أردت الاستمرار في المحافظة على الوزن فعليك بالإثنين والخميس أسبوعيا بنفس النظام الذي ذكرناه سابقاً، وملخصه أنه "صيام بالنهار وانضباط في السعرات بالليل"، والجديد في هذا النظام أنه يجمع بعدا روحيا تحفيزيا، وكذلك يضمن الاستمرارية لأن هناك حافزا دينيا وحافزا صحيا.
* مزايا صيام رمضان والنوافل
ومن مزايا هذا النظام أنه يحقق نوعا من التحفيز الجماعي إذا اجتمع الأهل والأصدقاء على نفس النظام يقوون بعضهم البعض، حيث أثبت الكثير من الدراسات أن قوة الحافز واستمراريته من أقوى سبل المحافظة على الوزن بشكل مستمر، وفي دراسة على أكثر من 5000 مريض سمنة وجد الباحثون أن من حافظ على وزنه كان عالي التحفيز ودائم التحفيز ومتعدد التحفيز فهو يريد أن يبدوا بمنظر جميل ويحافظ على صحته أو وظيفته، وقياسا فإن الصيام المتقطع بالنمط الإسلامي يحقق رغبة في فقدان الوزن وكذلك طاعة دينية.وصيام المسلمين كأي علاج للسمنة يجب عمله تحت إشراف طبي حيث يدرس الطبيب حالتك، وينصحك بممارسة الصيام أو الامتناع عنه إذا كان غير مناسب مثل بعض حالات أمراض القلب والكلى والكبد.
المقيمون في الشرق العربي بل الناطقون بالعربية أغلبهم مسلمون يصومون رمضان وأحيانا يصومون كثيراً، ولعل الاستفادة من هذه الروح قد تكون فرصة هائلة لعلاج السمنة المنتشرة في الشرق والغرب.
وختاما، أكرر أن الصيام في الإسلام هو أفضل طرق الصيام المتقطع لأنه يمثل علاجا يمكن تطبيقه بطريقة طبيعية مدى الحياة، ويجمع حافزين – صحيا ودينيا - وهو أيضا قليل التكلفة مضمون النتائج.
المصادر
Islamic fasting and weight loss: A systematic review and meta-analysis