وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مؤخرًا على أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم (Colorectal Cancer)، والذي يُعد خطوة مهمة في مجال الطب الوقائي. على الرغم من أن هذا الفحص ليس بديلاً كاملاً عن تنظير القولون (Colonoscopy)، فإنه يوفر خيارًا إضافيًا للمرضى، وقد يُسهم في تحسين معدلات الكشف المبكر المتدنية لسرطان القولون، وهو السبب الثاني للوفاة المرتبطة بالسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية.
أهمية الكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم
يعتبر سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع السرطان شيوعًا، ويشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة. يُظهر الإحصاء أن معدلات الإصابة بالمرض تزداد بشكل ملحوظ، مما يجعل الكشف المبكر عن المرض أمرًا حيويًا. يُساهم الكشف المبكر في تحسين فرص العلاج ويقلل من خطر الوفاة. وعلى الرغم من توفر العديد من أدوات الفحص، فإن معدلات الفحص ما تزال منخفضة، إذ يُجرى حوالي 60٪ فقط من البالغين في الولايات المتحدة الفحوصات اللازمة لذلك.
أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم
تم تطوير أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم الذي يُدعى شيليد (Shield)، من قبل شركة جاردانت هيلث (Guardant Health)، وهو متاح الآن تجاريًا كفحص أولي للبالغين الذين تبلغ أعمارهم 45 عامًا أو أكثر، والذين لديهم خطورة متوسطة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم. يعد تطوير أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم جزءًا من جهود موسعة لتحسين معدلات الفحص المبكر، والحد من عدد الوفيات الناتجة عن هذا المرض.
التحديات المرتبطة بالفحوصات التقليدية
يواجه العديد من الأشخاص صعوبات تتعلق بإجراء الفحوصات التقليدية، مثل تنظير القولون. بعض الناس يشعرون بالانزعاج من التحضير اللازم للإجراء، مثل الحاجة إلى اتباع نظام غذائي خاص واستخدام المسهلات القوية. كما أن الشعور بعدم الراحة أثناء الفحص نفسه يمكن أن يكون حاجزًا أمام الكثيرين. وهناك أيضًا الأشخاص الذين يكرهون التعامل مع عينات البراز وجمعها أثناء فحوصات البراز، مما يجعلهم يتجنبون إجراء هذا الفحص.
فوائد أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم (شيلد)
الدكتور كريج إيجل، كبير المسؤولين الطبيين في جاردانت هيلث (Guardant Health) يَعتبر أن من فوائد أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم هي زيادة معدلات الفحص بشكل كبير، وذلك لسهولة إجراء هذا الاختبار ونقص الحاجة إلى التحضير الجسدي قبله، مثلما هي الحاجة في الاختبارات التقليدية السابقة.
وقد يساعد تحسين معدلات الفحص في اكتشاف السرطان مبكرًا، مما يزيد من فرص العلاج الفعال، وقد ينقذ أرواحًا عديدة. تشير الدراسات إلى أن أكثر من 75٪ من الوفيات المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم تحدث عند الأشخاص الذين لا يتابعون الفحوصات بانتظام.
كيف يعمل أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم (شيلد)؟
يمكن أن يحصل معظم الأشخاص على اختبار شيلد (Shield) من خلال الطبيب العام أثناء زياراتهم الروتينية، مثل الفحوصات السنوية. يتم جمع عينة الدم دون الحاجة إلى تغيير النظام الغذائي أو التحضير الخاص. عند موت الخلايا، تطلق أجزاء صغيرة من الحمض النووي الوراثي DNA الخاص بها في الدم، وهو ما يُعرف بـ"DNA الخالي من الخلايا" (cfDNA). الأشخاص المصابون بسرطان القولون والمستقيم يميلون إلى امتلاك تركيز أعلى من هذه الأجزاء في الدم. يقوم اختبار Shield بالبحث عن هذه الأجزاء وتحليل ما إذا كانت هذه المعلومات الجينية قد يكون مصدرها خلية سرطانية.
مقارنة أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم مع الاختبارات الأخرى
يعمل اختبار Shield بطريقة مشابهة لاختبار كولوغارد (Cologuard)، وهو اختبار غير جراحي حصل على موافقة FDA قبل عشر سنوات، يتم فيه تحليل عينات البراز للبحث عن الدم وعن قطع من الحمض النووي (DNA) التي قد تأتي من خلايا سرطانية. لكن يتميز اختبار شيلد (Shield) بأنه يمكن إجراؤه من خلال عينة دم، مما يوفر مزيدًا من الراحة للمريض.
لكن تجدر الإشارة إلى أن العثور على قطع الحمض النووي (DNA) المرتبطة بسرطان القولون في عينة دم يعد تحديًا صعبا، إذ يتطلب تقنية متقدمة جدًا. يقول الدكتور إيجل: "هذا مثل العثور على إبرة في كومة قش". ويتطلب الأمر الكثير من الوقت لتطوير التكنولوجيا اللازمة لاكتشاف الجزيئات الصغيرة جدًا من خلايا السرطان في الدم.
فعالية أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم
تمت دراسة أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم في تجربة سريرية شملت حوالي 8,000 شخص، كانت لديهم خطورة متوسطة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم. ووجدت التجربة أن حوالي 83٪ من المصابين بسرطان القولون والمستقيم حصلوا على نتيجة إيجابية في الفحص. ومع ذلك، لم يتمكن الفحص من اكتشاف 17٪ من الحالات، مما يشير إلى أن اختبار الدم قد يكون أكثر فعالية في الكشف عن السرطانات المتقدمة مقارنةً بالسرطانات في مراحلها المبكرة.
التحديات المتعلقة بالكشف المبكر
بالرغم من فعالية أول اختبار دم للكشف عن سرطان القولون والمستقيم، فإنه ليس بديلاً عن تنظير القولون، إذ يمكن للطبيب خلال تنظير القولون اكتشاف العلامات المبكرة للسرطان بدقة أعلى، وكذلك إزالة الزوائد والناميات السرطانية وما قبل السرطانية. وقد أشار الدكتور هوارد هوكستر، أستاذ في معهد روتجرز للسرطان، إلى أن "تنظير القولون هو الاختبار القياسي الذهبي". لذا، فإن أي شخص يحصل على نتائج غير طبيعية من اختبار شيلد يحتاج إلى إجراء تنظير القولون لتأكيد النتائج وتحديد أماكن وجود السرطان وعلاجها.
احتمال حدوث نتائج إيجابية كاذبة
في التجربة السريرية، حصل حوالي 0.4٪ من المشاركين على تشخيص مؤكد بسرطان القولون، بينما حصل حوالي 10٪ من المشاركين على نتيجة موجبة على الرغم من عدم إصابتهم بالسرطان. يمكن أن تؤدي النتائج الموجبة الكاذبة إلى حدوث توتر وقلق عند الأشخاص، والحاجة لدفع تكاليف إضافية لإجراء فحوصات متابعة غير ضرورية. ومع ذلك، يَعتبر الخبراء أن اختبارًا يمكن أن يقدم للناس فرصة بنسبة 90٪ لاستبعاد سرطان القولون يمكن أن يكون مفيدًا لتحديد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الخضوع لعملية تنظير القولون المكلفة وغير المريحة.
الفئات المعرَّضة للخطر
تُظهر الدراسات أن نتائج موجبة خاطئة كانت أكثر شيوعًا في كبار السن مقارنةً بالشباب، وهو أمر "متوقع"، كما يقول الدكتور ويليام غريدي، مدير البرنامج الوقائي لسرطان الجهاز الهضمي في مركز فريد هاتش للسرطان. إذ يميل الـحمض النووي (DNA) إلى التعرض للتلف مع تقدم العمر، مما يجعل من الصعب تمييز علامات السرطان عن علامات الشيخوخة الطبيعية لدى كبار السن.
نصيحة من موقع صحتك
توصي مجموعة الخدمات الوقائية الأمريكية (USPSTF) ومجموعات طبية أخرى كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 45 عامًا أو أكثر، والذين لديهم خطر متوسط للإصابة بسرطان القولون، بإجراء الفحوصات بانتظام. تختلف فترات الفحص، بدءًا من فحص البراز (FIT-Fecal immunochemical test) كل عام إلى كل 10 سنوات لتنظير القولون. يجب أن يتحدث الأشخاص الذين لديهم احتمالات أكبر للإصابة بسرطان القولون مع الطبيب العام أو أخصائي الأورام أو جراح الجهاز الهضمي حول أفضل خيارات الفحص المتاحة.
في الختام، يُعتبر اختبار شيلد Shield إضافة قيمة لخيارات الفحص المتاحة، ولكنه لا ينبغي أن يحل محل الفحوصات التقليدية مثل تنظير القولون. ويمكن أن يُسهم هذا الاختبار في تحسين معدلات الكشف المبكر عن سرطان القولون مما يزيد من فرص العلاج والشفاء.