هل انقطاع الطمث يسبب أمراضاً نفسية؟
هل انقطاع الطمث يسبب أمراضاً نفسية؟
عزيزتي؛
سن اليأس لا يسبب المرض النفسي إن كنت سأرد على سؤالك بالكيفية التي ذكرتها، ولكن الموضوع ذو أبعاد أخرى إذا تضافرت في وقت وصولنا لهذه السن يحدث بعض الاضطرابات النفسية التي قد تصل لقلق أو اكتئاب، وحتى أوضح أكثر أقول لك إن توقف الدورة الشهرية أمر فسيولوجي طبيعي جداً، ومرحلة طبيعية بل ومنطقية جداً إن تصورنا العكس، وهو أن تظل المرأة طوال عمرها قابلة للحمل والإنجاب! وكأن هذه الاستراحة بعد طول مشقة في أعراض الدورة ذاتها، عند البعض، والحمل والولادة وما يتبعها من جهد كبير؛ تأتي هذه السن في وقت قد اكتمل نضجها كإنسانة، في الغالب، وخبرتها وتتمكن بجدارة من الرعاية الأخرى المختلفة التي تقدمها لأبنائها، وربما لأحفادها، وفيها تمتلك الوقت الكافي لتقوم بما أحبته بتؤدة أكثر، أو ما أحبته ولم تتمكن من القيام به سابقا، وحتى العلاقة الجنسية وجدنا أنها عند أكثر من نصف النساء -بالعودة لدراسات تم عملها ورصد نتائجها -تكون أكثر متعة حين يشملها راحة بلا تهديدات حدوث حمل، أو انتظار حمل لغياب الدورة عن موعدها.
فكلما كانت هذه النظرة الواقعية نصب أعين المرأة وتفهمها وتقبلها، مرت تلك المرحلة بسلام دون أي أعراض زائدة عن الحد المقبول، وكذلك كلما كانت المرأة نفسها في مراحلها العمرية السابقة متزنة، وحولها مناخ متزن وجيد وقد حققت فيه إنجازات ترضيها بشكل كبير في العمل والزواج وتربية الأولاد وغيره؛ تمكنت من المرور خلال تلك الفترة بسلام نفسي كبير.
يبقى أمر واحد يخص بعض النساء اللواتي يتزامن وصولهن لهذا العمر مع تغير المزاج أو الاضطرابات النفسية، فكما اتفقنا إنه أمر فسيولوجي طبيعي ويحدث فيه تغيرات هرمونية فيها يقل هرمون الأنوثة ولكن بشكل متدرج عبر سنوات وهذا يجعل المرأة تصادق هذه التغيرات التي ترتبط بأعراض فسيولوجية على رأسها العرض الأشهر وهو هبات السخونة التي تتصاعد ثم تختفي، بجانب جفاف الغشاء المخاطي للمهبل مما يسبب الألم أثناء الجماع، وبعض الحكة، ولكن حين ترتبط تلك الأعراض مع طريقة تفكير واستقبال وتاريخ سابق من الأزمات أو الصدمات أو القلق وعدم الرضا مع وجود مناخ حولها غير جيد تتكاتف كل تلك الأمور وتسبب تركيزا أعلى في الإحساس بالقلق، أو الاكتئاب حيث يكون هناك متسع لأفكار عدم القيمة وعدم الإنجاز وآثار الأزمات السابقة التي لم تُعالج، فتظن المرأة وقتها أن كل هذا بسبب هذه المرحلة، ناهيك عن اسم هذا العمر الذي يلقي بظل كئيب بسبب اسمه والذي لا يمت بصلة لأي شيء واقعي. وأخيرا كلما تمكنت المرأة من ممارسة أدوار حقيقية تخص مميزات هذا العمر وتلاقت مع الأعراض وربما في وجود متابعة طببة ورياضية مناسبة كانت مرحلة لطيفة جدا ومليئة بإنجازات من نوع جديد ومختلف يحقق سعادة ورضا، دمت بخير.