والدتي عمرها ٧٧ سنة، وهي بصحة جيدة. تسكن لوحدها منذ ٥ سنوات كوني أدرس في المهجر. منذ سنة بدأت تحكي لي أن هناك من يسرق أغراضها وتتهم البعض دون دليل. فقمت بتركيب كاميرات في كافة أرجاء المنزل. لكنها ما زالت تشكو من سرقة أغراضها، وارتفعت حدتها بشكل كبير مؤخرا. سؤالي: هل هي أعراض الخرف؟ علما أنها ما تزال تتمتع بذاكرة جيدة جدا بل أحسن مني، لكني انتبهت إلى أنها تردد بشكل مستمر تفاصيل حدث وقع لها منذ مدة.
الشكوى التي ذكرتها هي شكوى شائعة في كبار السن الذين يعيشون وحدهم لفترات طويلة، وقد يرجع السبب لعدة احتمالات:
أن يكون هناك مرض عضوي بالمخ يؤثر على قدراتها المعرفية، مثل مرض الزهايمر، حيث تضع الأشياء في مكان ما وتنساها، وتظن أن أحدهم سرقها، وهذه يمكن استثناؤها من خلال زيارة أحد أطباء العصبية، ولعله قد يطلب القيام بأشعة للاطمئنان لعدم وجود أي مشكلة عضوية.
أو أن تكون المشكلة نفسية نتيجة الاحساس بالوحدة وكبر السن، فينتج عنها أعراض ما نسميه (الضلالات) وهي الاعتقاد الجازم الخاطئ في شئ ما، مثل اعتقاد والدتك أن هناك من يسرق منها أشياءها، أو أن أحد الجيران يتعمد إيذاءها، وغيرها من الأفكار الخاطئة.
والحل يبدأ من التشخيص الصحيح أولا، ثم كتابة الدواء المناسب ثانيا، ثم -والأهم من ذلك- ملء الفراغ الذي تشعر به، فربما كانت هذه الأعراض هي طريقتها في التعبير عن إحساسها بالوحدة، وعن حاجتها إلى ونيس يؤنس وحشتها.