01 يناير 2017
التردد وعدم القدرة على اتخاذ قرار
السؤال إلى د.أميرة بدران
مشكلتي في التردد وعدم القدرة على أخذ أي قرار حتى لو كان قرارا شخصيا جدا. لا اثق في قراراتي ولا أملك الشجاعة في الاختيار خصوصا في الامور التي تتعلق في الزواج و الخطوبة، و فشلت في تلك الامور بسبب ترددي و وخوفي من أن يكون اختياري خاطئاً. و تدخلُ من حولي أدى إلى فشلي في أول تجربة لي. انا لا أملك اي شجاعة لأن آخذ أي قرار واذا اخذت قرارا فلا أستطيع تنفيذه من القلق و الخوف. هذا سبّب لي إحباطا ونغّص حياتي..ما الحل؟
الأخت مريم؛
تحية طيبة وبعد..
أهلا بك يا صديقتي، وأشكرك على ثقتك، التردد مثله مثل القلق، المساحة المقبولة منه تفيد، كالتردد لدراسة موضوع ما من عدة أوجه، أو للسؤال المتخصص، أو لرؤية أعمق هو أمر طيب، ولكن حين يزداد التردد ليصل لدرجة "تعطل"، يصبح علينا أن ننتبه ﻷن أدوارنا الطبيعية المطلوبة منا ستتأثر، والتأثر سيوقعنا في المزيد من الغضب، وتصبح لدينا صعوبة أكبر في المواجهة، وهكذا... حتى نجد أنفسنا وقد غرقنا في متاهات القلق والاكتئاب، دون قدرة على التحرك. أقترح عليك النقاط التالية لتعيها:
- بداية لا تكرهي وترفضيه، بل صادقيه، واقبلي وجوده "الآن" حتى تتمكني من تجاوزه، وهذه الخطوة على بساطة كتابتها وبساطة تلقيها إلا أنها في غاية الأهمية، وهي مفتاح التحرك للأمام رويدا رويدا.
- اسألي نفسك بصدق شديد، كم مرة قلقت، وتوقعت "خطرا، أو خطأ، أو خسارة ثم حدثت الخسارة بالفعل؟ كم في المائة من توقعك؟
- تدربي على النظر للنتائج وليس مناقشة الموضوع كما تعودت، فانظري بصدق ما الذي تخافين أن يحدث لك (أو معك) أكثر مما حدث لك بالفعل؟ فأنت في حالة "عطلة"، ارتبطت وتركت من ارتبطت به وأهلك لم يتمكنوا من حمايتك كما توقعت، فما الذي يخيفك أكثر من ذلك لتتفاديه؟؟ إذن المخاطرة "لن تزيد الطين بلة"، وقلقك لم يمنع شيئا، ولم يأت بشيء لم يكن ليأتي، فأنت "متعطلة"... فلتخاطري إذن.
-تحتاجين بشدة أن تقبلي أنك مثل البشر تخطئين.. تضعفين.. تفشلين.. ورغم أنها مناطق "تعطيلك" ، إلا أن قبولك وسماحك لنفسك بهذا هو نفسه ما سيساعدك على التعلم، والجرأة، والنجاح، فالبشر كما خلقهم الله هكذا، وأنت من حقك أن تكوني مثلهم.
- توقفي عن المقارنات التي تظل تدور في رأسك حتى أعيتك، فلكل منا مذاقه ومساحته واختياراته وشكل حياته، فلتتحرري من حكم الناس عليك والرغبة في إبهارهم أو التشبه بهم، فهم ليسوا كما يظهرون لك من الخارج، وكذلك أنت.
-ابدئي بأمور بسيطة مثل الملابس والخروج في مخازن الشراء، ولكن ابدئي وأنت تضعين لكل شيء من ذلك ملامح محددة لا تغيريها تحت أي ظرف، فمثلا ستذهبين لشراء ساعة فتحددي أنها ستكون جلدية.. لونها بني.. أرقامها واضحة.. إطارها ذهبي.. ابحثي عن تلك المواصفات مهما رأيت من أشكال، وألوان تعجبك،.. وهكذا حتى تتمكني من الاستقرار رويدا رويدا على ملامح تقبلين التعايش معها فتسعدين، أو لا تتقبلينها فتتحملين ثمن اختيارك كأي إنسان مسؤول يتحمل نتائج تصرفاته بنضوج، فعودة لنفس المثل..وإذا وجدت نفسك لا ترتاحين مع تلك الساعة، فتقبلي لبسها مع تعلم أن الساعة التالية مثلا ستكون معدنية لأنها الأفضل لاستعمالك، مهما قال لك من حولك لماذا تحتاجين الجلد؟ أو ترين بعينيك أنها ليست مناسبة، الخ..
وهكذا في العلاقات، والاختيارات حتى تأنسي باختياراتك، وتتعلمي منها طوال الوقت، ولا تتصوري أن هذا المثل سيكون بعيدا جدا عن اختيار الزوج، فالزواج الناجح يبدأ بمعرفتك لنفسك، والقرب الحقيقي منها، وقبول ما يزعجك فيها قبولا آنيا لتجاوز ما لا يرضيك، حتى تتمكني من اختيار الرجل المناسب لك، ولا حتياجاتك أنت، وليس المناسب "للبنات"، وليس الذي تتمناه "كل البنات"... ولكن من يناسبك أنت وأنت فقط.
-اقرئي للمتخصصين واحضري تدريبات ودورات تساعدك على التعلم والوقوف على معلومات حقيقية عملية مفيدة في العلاقات، والحب، والزواج، والتعرف على النفس..الخ.
أعلم تماما، أن ما قلته ليس سهلا بل هو صعب ولكنه كذلك ليس مستحيلا وليس بأقل صعوبة مما أنت عليه الآن، فإن لم تتمكني من القيام بتلك الاقتراحات بشكل متدرج ومتكرر فلا تبخلي على نفسك بطلب مساعدة متخصصة تعينك ببرامج سلوكية، ومعرفية، ونفسية، لتتغلبي على معاناتك بمساعدة متخصص نفساني.
اقرأ أيضا:
أسعى للكمال وأعيش بعالم من الأحلام
ممارسة الرياضة تخفف الضغوط وتجلب السعادة
لا أستطيع الاختلاط مع الغير.. كيف ندير علاقاتنا؟
العلاج النفسي.. رحلة نمو (ملف)