صحــــتك
06 فبراير 2019

التحرش القديم وسجونه

عانيت في طفولتي من تحرش جنسي مستمر حتى عمر المراهقة، وعشت طفولتي وحيدة، وإلى الآن أشعر بألم داخلي لا أحد يعلم به عكس مظهري الخارجي، وأحياناً أفكر في الانتحار، لا أعلم ماذا أفعل، ومادتي تمنعني من رؤية طبيب نفسي، وأخاف أن أقول لأهلي إني أحتاج إلى طبيب نفسي.


التحرش القديم وسجونه
أهلا وسهلا بك يا هاله،
التحرش الجنسي من أسوأ، وأكثر الخبرات ألماً لصاحبتها يا ابنتي، فلكِ كل الحق في مشاعر الألم، ولكن أنتِ الآن في أواخر العشرينات وسجينة ما حدث في الطفولة، وهذا السجن لا يقيد حركتك، ولكنه كذلك يثبتك في تلك المرحلة من الداخل رغم أن مسيرتك من الخارج قد تخطته لأكثر من عشر سنوات؛ حتى إنك تتحدثين عن الانتحار.

وما يهمني الآن أن أتحدث معك عن السجن الذي تسجنين نفسك فيه.. سجن حادثة التحرش السابقة، ويهمني أن أوضح لك النقاط التالية:
- التحرش - بمعناه الواسع - في عالمنا العربي هو خبرة شائعة جداً في مجتمعاتنا، وتقريباً لا توجد فتاه لم تتعرض لشكل من أشكال التحرش في حياتها، ولو لمرة واحدة، فأنتِ لست الفتاة الوحيدة التي مرت بتلك الخبرة السيئة.


- عندما يحدث التحرش في سنوات الطفولة فإن أموراً كثيرة تضاعف من حجم الخبرة المؤلمة؛ لأننا في الصغر نتصور أمورا كثيرة أضخم من مساحتها، ونتهم أنفسنا باتهامات قاسية؛ فنخاف من المتحرش بأكبر من قدرته على تخويفنا؛ فهو الأحق بأن يخاف ويشعر بالخزي والعار لأنه يفعل شيئا يستحق العقاب، ولكنه يستمد قوته اللحظية من خوف المتحرش منه، وكلما أخاف الضحية؛ خضعت له، ويزداد الأمر سوءا حين يرهبها بأمور أخرى بعيدة عن التحرش، ولو كان من المحارم ازدادت المشاعر المتناقضة أكثر.

- من تعرضت للتحرش في الصغر تتهم نفسها اتهاماً قاسياً يبعد عن الحقيقة؛ فقد تجدين أنك تتهمين نفسك بأنك كنتِ تتلذذين، أو أنك كنتِ السبب في إغراء المتحرش، أو أنكِ كنتِ السبب بسكوتك وضعفك أو غيره، والحقيقة هي أنكِ كنتِ صغيرة خائفة، لا تعين حقيقة ما يحدث ولا عواقبه، وكنتِ قليلة الحيلة لم تتمكني من البوح بما يحدث، وحمايتك كانت مسؤولية الكبار الذين كانت عليهم مهمة متابعتك وتوجيهك، والقرب منك ومصادقتك وحل مشكلاتك، ولكن حينها كنت واثقة بأنه لن يتم سماعك، ولم تكوني على ثقة بأنهم سيصدقونك؛ فاتهامك لنفسك هكذا دون رؤية الواقع وقتها ظلم شديد لنفسك.

- أنتِ لم تحدثينا عن التفاصيل؛ وحتى لو كنت قد شعرت بالتلذذ فهذا لا يعني إطلاقاً الانحراف الجنسي أو الخلقي.



وجود متخصص بجوارك سوف يساعدك مساعدة حقيقية للتحرر من السجون التي سجنت فيها بسبب حادثة التحرش التي تعرضت لها، فلو كان التحرش القديم سجنا تم وضعك فيه صغيره حين كنتِ لا تقوين على فعل شيء، أو لا تستوعبين حقيقة ما يحدث، أو لأنك كنتِ خائفة، فما هو مبررك الآن وأنتِ في هذا العمر؟ من الذي سيجبرك الآن أو يخيفك؟ مشاعر الذنب والاشمئزاز التي قد تكون كبيرة تحتاجين لحلها؛ فالمشاعر كالدخان حين نكتمها ونغلق كل المنافذ من حولها تخنقنا أكثر؛ فانتِ تحتاجين أولا للبوح بما حدث، لتتحرري نسبيا من حجم تلك المشاعر ولا يوجد مناخ أكثر أمناً من مناخ العلاج النفسي، وتحتاجين إلى تفهم كل ما قلته لكِ، واقرئي المزيد هنا على موقعنا فيما كتب عن التحرش وطرق التعامل معه، ولا تقلقي من المقابل المادي؛ فهناك دوما أماكن للرعاية النفسية بأمور رمزية، هيا يا ابنتي ابدئي رحلة التغيير، وامحي فكرة الانتحار لأنها مشكلة حياة، وليست مشكلة موت، وكم من فتيات تخلصن من آثارها على نفسياتهن حين استوعبن أنهن يحتجن إلى المساعدة وليس الموت.. هيا ابدئي فلا يوجد إنسان ولا شيء يستحق أن نزهق حياتنا من أجله، خصوصا في وجود من يرغب في سماعك ويرغب في مساعدتك من دون أن يحكم عليكِ.
آخر تعديل بتاريخ
06 فبراير 2019
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.