صحــــتك
15 فبراير 2016

أعاني من ضعف تقديري لذاتي.. روشتة عملية

أنا بعاني من التقدير المنخفض للذات. بحس كتير إني تافهة ومليش قيمة ف وسط الناس .. أغلب الألم اللي بحسه بيكون بسبب تعامل الناس معايا، بتوصل لأوقات كتير إني بعيّط من أسلوب بعض الناس معايا بس طبعا لوحدي .. نفسي أبطل هبل وأعرف أعمل حاجة ليها قيمة وأحس بقيمتي ف وسط الناس
DefaultImage
أهلا بك يا ابنتي،
ما تعانينه من نظرة دونية لذاتك هو في الحقيقة عندي أخطر من بعض الأمراض النفسية ! فنظرة الإنسان لنفسه هي إما مفتاح وجوده، أو هي حفرة غيابه عن الحياة.

فنظرة الاحتقار للذات تجعل كل ما يحدث مؤلم لها، وتجعل مشاعر الكره - للذات- معطلة دوما للشخص، وتجعل أي عمل يقوم به لا قيمة له مقارنة بالآخرين، فأي عذاب هذا يا ابنتي؟
 وسأقول لك أمرا قد تجدينه مفاجئا لك، ألا وهو أن نظرة الإنسان الدونية لنفسه نظرة مكتسبة!

فالله تعالى حين خلقنا على فطرتنا قبل تدخل من حولنا في التعامل معنا وتربيتنا كان فيها قبول؛ والإنسان يولد محبا لنفسه ومحبا للآخرين، ويقبل نفسه، ويقبل الآخرين!، ولكن التدخل غير الصحي من الآباء، أو غيرهم ممن يتعاملون معنا قد يضرب هذا الحب، وهذا القبول في مقتل!

وليس بالضرورة أن هؤلاء الأشخاص على دراية، أو يقصدون هذا النوع من التشويه لذوات أولادهم (أو أصحابهم)؛ فلقد رأينا من يتصور من الآباء مثلا أن النقد المستمر يجعل الابن أكثر رغبة في التميز!! أو أن المقارنة سواء المعلنة، أو التلميحية هي وسيلة تحفيز! ويغفلون تماما عن الصحة النفسية للولد فلا ينتبهون إلى أن هذا النقد، وتلك المقارنات هي حقيقة "تعطيل" الولد عن نموه النفسي، وقيامه بأدواره في الحياة، وغيرها للأسف من تعاملات تربوية غاية في الخطأ.
والسؤال الآن: ماذا أنت فاعلة؟؟ فأمامك ثلاثة خيارات:
- الأول.. أن تظلي هكذا تصدقين رسائل الأمس الخطأ وتتجرعين يوما بعد يوم آلام الغياب والحزن والكره، والمقارنة، وإلخ، مما تعانينه الآن، ولقد رأينا بالفعل من يستدفىء فيما تعود عليه وإن كان خطأ ومؤلما له، مع استمرار شكواه مما هو فيه في نفس الوقت! ويعيش سنوات وسنوات ينتهي فيها من دراسته، ويتزوج، وينجب وهو على نفس الحال ، يتحرك ويتوهم أنه يحيا وهو في الحقيقة "ميت".

- الاختيار الثاني..أن يغرق في بحر اللوم، والعتاب، والغضب مع من تسبب له ممن حوله من تعطيل نفسي، وألم نفسي ولا ينتهي منه! ويظل يلعن الظروف والحياة، ويموت على هذا الحال راكناً دون أن يدري إلى وجود مبررات كانت في يوم ما حقيقية ، ليظل متعطلا عما يجب أن يكون عليه. وهذان الاختياران أسهل بكثير، وأقل جهدا من الاختيار الثالث.

- الاختيار الثالث "الشفاء" من تلك الآلام، وتحمل مشوار "الوجود" والذي سيبذل فيه وقتاً، وجهداً، ومقاومة لمشاعر وتصرفات الماضي، لكن في النهاية يعود الإنسان لحقيقته غير المشوهة، ويتنفس وجوده وهو راض عنه، ويحيا بصدق كل لحظة من حياته بحلوها ومرها؛ فيها يقبل نفسه من جديد ويقبل مخاوفه وأوجاعه ليتمكن من تخطيها.

والحياة خيارات، وكل منا يختار ماذا سيفعل، وماذا سيدفع من ثمن ليصل إلى حيث يريد، فإن اخترت أن تكوني "موجودة وجوداً يرضيك"؛ فلتشمّري عن ساعديك وتأخذي نفسا عميقا لتبدئي مشوار شفائك من تلك النظرة المغلوطة لنفسك.

 وسيساعدك في هذا النقاط التالية المهمة:
- أن تصدقي أن ما أنت عليه ليست ذاتك الحقيقية؛ فذاتك الحقيقية لها نوعية وجود يميز طبيعتها أصلا ؛ أي أن طبيعتها هذه هي التي تميزها. لذا لا يصح مقارنتها بأي انسان آخر؛ فقد تتميزين بدفء مشاعرك، وصبرك، وذوقك عن طبيبة جافة المشاعر مثلا، فلا مقياس حقيقياً لنا سوى أن نكون أنفسنا، فليكن واجبك الأول هو أن تقتربي بصدق من نفسك الحقيقية؛ فتتعرفي على ما تحبينه، وما تكرهينه، وتتعرفي على مخاوفها، وما يغضبها، إلخ، وفي هذا المشوار جهد، ووقت، ومقاومة، وبعض الألم، ولكن ستفوزين بنفسك الحقيقية بالنهاية، ولكن بشرط ألا تحكمي عليها أبداً ، وأن تقبلي كل ما فيها مع احتفاظك بعدم موافقتك على ما لا توافقين عليه؛ فتقبلين مثلا خوفها دون أن توافقي عليه؛ فهذا سر كبير ومهم في مشوار تعرفك على نفسك الحقيقية.

- تحتاجين لوجود علاقات صحية في حياتك؛ قد تكون صديقة مخلصة، أو قريبة تطمئنين على نفسك معها، قد تكون معلمة، أو أمك إذا كانت علاقتك بها طيبة، فوجود علاقات صحية في حياتك سيجعلك في حال أحسن بكثير، والعلاقة الصحية فيها تكونين على راحتك ولا يحكم عليك أحد فيها، بل يسمعك، ويحبك.

- تدربي بشكل متدرج على قول رأيك في مجموعة من الناس؛ وأنصتي جيدا دون مقارنة لمن تتصورين أنهم واثقون في أنفسهم، ويقومون بأعمال حسنة، وستكتشفين أن الواثق الناجح ليس كل ما يفعله صحيح ولا كل ما يقوله سليم ورائع! فالفرق بين الشخص الواثق وغير الواثق هو كيف ينظر لنفسه، وﻷخطائه ويقبلها فيتعلم منها ويصحح نفسه المرة تلو الأخرى.

- اقرئي جيدا في موضوعات تحبينها، وانخرطي في دورات، وكورسات تطور من نفسك.
مارسي الرياضة بشكل منتظم.

- افرحي بما تجدينه من أمور، وصفات، وتصرفات جميلة تفخرين بها.

- صدقي بأن من خلقك وخلقني حين قرر وجودنا كان قراره ذا معنى، وأهم معنى فيه أن وجودك مهم؛ فلو كان يريدك جبلا، أو عصفورا لفعل، ولكن ، ﻷنك أهم من ذلك خلقك إنسانة، وكلما تعرفت على نفسك الحقيقية.

كلما تمكنت من التعرف على دورك بعيدا تماما عن المقارنة بأي إنسان آخر؛ ﻷنه سبحانه لا يكرر خلقه، وجعل لكل منا ذا مذاق، ونوعية وجود تختلف عن الآخر؛ ﻷن ذلك هو الأكثر ثراء وإضافة بين البشر في كونه ، سبحانه.
دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
15 فبراير 2016
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.