صحــــتك
30 سبتمبر 2017

أسرة مستقرة.. وابنتي تؤذي نفسها

السلام عليكم أنا عندي بنت عمرها 15 سنة، وهي تقوم بجرح نفسها عمداً، نحن أسرة محافظة ومتماسكة، وليس لدينا مشاكل عائلية والحمد لله، لهذا تحيرني تصرفاتها
إيذاء النفس
عزيزتي الوالدة،
تحياتي..
أشكرك على استشارتك التي تدل على جدية تعاملك مع سلوك ابنتك، وأتفهم حيرتك من هذا السلوك.. فدعينا نتحدث عنه قليلاً في البداية.

إيذاء النفس Self harm هو تعمد إحداث ألم جسدي كوسيلة سلبية للتخفف السريع من الألم النفسي، ومن أشهر أنواع سلوك إيذاء النفس هو إحداث جروح سطحية بالجلد، كما أن العمر الذي نرى فيه هذا السلوك بكثرة هو سن المراهقة، خاصة من سن 14-17 عاماً. كما أنه أكثر شيوعاً في الإناث من الذكور.

هذه الظاهرة أصبحت أكثر انتشارا في العقود الأخيرة بين المراهقين، وأظهرت إحدى الدراسات في الولايات المتحدة أن ثلث إلى نصف المراهقين قاموا بهذا السلوك على الأقل مرة واحدة في حياتهم. معظمهم لا يقوم بهذا السلوك بنية انتحارية، وإن كانت الخطورة تمكن في الاندفاعية التي ينفذون بها هذا السلوك مما قد يعرض حياتهم للخطر في إحدى المرات. خاصة أن هذا السلوك قد يتخذ طابعاً إدمانياً، فكثير يجدون صعوبة في إيقافه ويميل إلى تكراره. كما أنه في ظل استمرار الضغوط التي تدفع المراهق لهذا السلوك، قد يندفع إلى محاولة انتحارية جادة.

كان هذا السلوك مرتبطاً باضطرابات نفسية كبرى مثل اضطراب الشخصية الحدية واضطرابات الأكل المختلفة، إلا أنه مع الوقت أصبح من الواضح أن هذا العَرَض يوجد أحيانًا بمعزل عن هذه الاضطرابات. ومن المحتمل أن يوجد كعلامة لسوء التكيف مع الضغوط المختلفة التي يواجهها المراهق؛ وهي كثيرة في عصرنا هذا.

هناك الضغوط التي قد تكون من الأسرة إذا شعر المراهق أنه غير مقبول في أسرته، أو أن الأهل غير متواصلين معه عاطفياً إلى الحد الذي يصل به إلى الشعور بأنه "ميت داخليا" و"غير مرئي"؛ كما يصف بعضهم فيؤلم نفسه جسديا ليستعيد شعوره بالحياة مرة أخرى.

وقد يكون الضغط من اضطراب علاقتهم بالأصدقاء وزملاء الدراسة أو النادي، والتنمر من أحد أسباب هذا السلوك على سبيل المثال. وقد يكون الضغط من وسائل الإعلام التي تقدم نماذج هذا السلوك بشكل غير مسؤول ومشجع في بعض الأحيان فيتبناه المراهق ويكرره.

عادة لا يوجد سبب واحد، ولكنها مجموعة عوامل نفسية وتربوية واجتماعية وثقافية تؤدي في النهاية إلى هذا السلوك كمهرب من مواجهة الألم والضغط النفسي.

من المهم تذكر أن هذا السلوك بالنهاية هو "نداء حاد لطلب المساعدة". والمساعدة التي يمكن أن نقدمها لها هو السعي لخلق علاقة صحية سليمة مع الأهل والأصدقاء مع الاستعانة بالإرشاد النفسي.

عزيزتي الوالدة، أثق في رؤيتك لعلاقات أفراد أسرتك ببعضها البعض من حيث كونها متماسكة ومحافظة، إلا أن استقبال ابنتك لها قد يختلف عنك لأسباب كثيرة. لهذا من المهم أن تفتحي لها بابا ترين فيه الأمور من منظورها هي، حتى تستطيعي فهم ما يدور بداخلها، وما يشكل ضغطا عليها. هذا الباب مفتاحه هو الآذان الصاغية التي تستمع جيدا لما تقول وما لا تقول بدون حكم أو تهوين أو تهويل. مع تأجيل لسان النصيحة والتوجيه المباشر الذي قد يعطل قناة الاتصال بينكما. ويمكن استبداله بنظرات الحب والسماح والقبول غير المشروط. والقبول هنا غير الموافقة، أي أنها تحتاج إلى قبولك لمشاعرها جميعا، ولكنك تحتفظين بعدم موافقتك على أي سلوك مؤذٍ لنفسها أو لغيرها. ومن هنا سيأتي اقتراحك لها بأن تتوجهوا جميعا كأسرة لطبيب نفسي مختص حتى يستطيع الوقوف على حالتها بشكل دقيق وتشخيصها بشكل سليم، والتعرف على العوامل الضاغطة عليها سواء داخل الأسرة أو خارجها، وتشجيعها على اكتساب مهارات التعامل مع هذه الضغوط بشكل صحي.

رحلة العلاج هذه قد تستوجب علاجاً دوائياً مع العلاج النفسي، وستكون مفيدة للغاية إذا أصبحت الأسرة جزءا من هذه الرحلة فيما يسمى بـ "العلاج الأسري" Family Therapy.
تمنياتي لك ولأسرتك بكامل الصحة والعافية.

اقرئي أيضاً:
سلوكيات إيذاء النفس.. عرض لاضطرابات عقلية (ملف)
الشخصية الحديّة .. كره الذات وإيذاء النفس

آخر تعديل بتاريخ
30 سبتمبر 2017
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.