مع التطور السريع في مجال العلوم والتكنولوجيا، أصبحت دراسة العمر البيولوجي مسألة تثير اهتمامًا كبيرًا لدى العلماء وأفراد المجتمع على حد سواء، فالاختلاف بين العمر البيولوجي والعمر الزمني يمكن أن يكشف عن جوانب مهمة في صحة الفرد وطول عمره، ويتيح فرصة أكبر لفهم كيفية تأثير العوامل البيئية والحياتية على تقدم الخلايا والأعضاء في العمر. في هذا السياق، تسعى الشركات التقنية والعلمية إلى تطوير أدوات جديدة تساعد الأفراد على قياس أعمارهم البيولوجية بطرق مريحة ودقيقة. من بين هذه المحاولات، ظهرت تقنية "CheekAge" المبتكرة، التي تدعي القدرة على قياس العمر البيولوجي باستخدام مسحة الخد بديلاً عن الطرق التقليدية التي تعتمد على عينات الدم.
ومع أن هذا الابتكار يجلب آمالًا جديدة في إمكانية قياس العمر البيولوجي بسهولة ويسر، فإنه يثير تساؤلات حول دقة هذه القياسات وإمكانية الاعتماد عليها، مما يجعلنا نطرح سؤالًا رئيسيًا: هل يمكن لفحص مسحة الخد البسيط أن يكشف عن عمرك البيولوجي؟
هل يمكن لفحص مسحة خد البسيط أن يكشف عن عمرك البيولوجي؟
في محاولة للتوصل إلى أدوات تساعد في قياس العمر البيولوجي للإنسان، ظهر جهاز جديد يدعى "CheekAge" يستخدم مسحة الخد لقياس العمر البيولوجي عبر فحص الحمض النووي، ويهدف هذا الجهاز إلى تقديم بديل أقل تدخلاً للطرق التقليدية المعتمدة على عينات الدم، والتي تُعتبر في بعض الأحيان غير مريحة وصعبة الحصول عليها من المنازل.
يُعرف العمر البيولوجي على أنه حالة الجسم وخلاياه، والتي قد تختلف عن العمر الزمني اعتمادًا على عوامل مثل الجينات وأسلوب الحياة والصحة العامة. وفقًا للدكتور دوغلاس فون، مدير معهد "Potocsnak Longevity" وأستاذ أمراض القلب بجامعة "نورث وسترن"، يمكن أن تُظهر خلايا الحمض النووي في أجزاء مختلفة من الجسم مكونات العمر البيولوجي، ما يجعل استخدام مسحة الخد أمرًا ممكنًا، لكنه يشير أيضًا إلى بعض التحديات المتعلقة بالدقة.
هل مسحة الخد تقدم صورة شاملة للعمر البيولوجي؟
أوضح الخبراء أن الاعتماد على عينة من الخد قد لا يقدم صورة شاملة عن العمر البيولوجي للفرد، إذ "تتقدم أنظمة أعضاء الجسم المختلفة بمعدلات متفاوتة"، مما يجعل من الصعب تقييم العمر البيولوجي بدقة من عينة واحدة. فعلى سبيل المثال، قد يكون هناك اختلاف في كيفية تقدم العمر بين القلب والكلى والدماغ، وهو ما لا يمكن لرسم عمر الجسم من عينة خد وحيدة التعبير عنه بدقة كافية.
أطلقت الشركة التي طورت CheekAge، والمعروفة بـ Tally Health، اختبارًا على الإنترنت يعتمد على الدراسة المتعلقة بهذا الجهاز، فهو يطرح أسئلة على المستخدمين حول عاداتهم الحياتية، مثل استهلاك الكحول وجودة النوم، ليتمكنوا من حساب عمرهم البيولوجي المقدر. ورغم أن الأبحاث حول العمر البيولوجي قد تكون مفيدة للعلماء المهتمين بدراسات طول العمر، فإن معرفة العمر البيولوجي وحدها قد لا تقدم للفرد فائدة ملموسة في حياته اليومية.
هل هذه النتائج موثوقة؟
يشدد الخبراء على أن نتائج هذه الاختبارات يجب التعامل معها بحذر، إذ يقول الخبراء "المستهلك يجب أن يأخذ نتائج الاختبار بحذر، فالاختبار قد لا يقدم صورة كاملة عن حالة الجسم". بالإضافة إلى ذلك، يرى الخبراء، أن معرفة العمر البيولوجي لا تعني إمكانية اتخاذ خطوات فورية لتغيير هذا العمر، إذ لا يزال العلماء غير قادرين على فهم الأسباب الدقيقة لتفاوت معدلات الشيخوخة بين الأفراد على المستوى الخلوي.
نهايةً، في ظل الاهتمام المتزايد بمفهوم العمر البيولوجي، تعد تقنية "CheekAge" خطوة مهمة نحو جعل قياس العمر البيولوجي أكثر سهولة وملاءمة لحياة الأفراد اليومية. ولكن مع الآمال التي تحملها هذه التقنية، يحث الخبراء على ضرورة التعامل مع نتائجها بحذر. فرغم أن معرفة العمر البيولوجي قد تقدم نظرة عامة عن الحالة الصحية، فإن العوامل المؤثرة على الشيخوخة البيولوجية متشعبة، ولا يزال العلم يسعى لفهمها بشكل كامل. لذا، يُنصح الأفراد بالتركيز على تبني عادات صحية مثل التغذية المتوازنة وممارسة الرياضة، التي تظل الوسيلة الأكثر موثوقية للحفاظ على صحة جيدة، بعيدًا عن نتائج أي اختبار قد يكون غير دقيق.