تتزايد الدراسات التي تبحث في تأثير الوزن الزائد على صحة الأفراد مع التقدم في العمر، وقد ظهرت نتائج جديدة تشير إلى أن كبار السن الذين يعانون من زيادة طفيفة في الوزن قد يتمتعون بحماية أفضل من الوفاة الناتجة عن أمراض القلب، ولكن يبقى السؤال هل يمكن أن تحمي السمنة من الأمراض فعلًا؟ يُعتبر هذا السؤال مثيرًا للجدل، إذ يسعى الباحثون إلى فهم العلاقة بين السمنة وصحة القلب لدى كبار السن.
إن العديد من الخبراء يشددون على أن مؤشر كتلة الجسم BMI ليس الأداة المثلى لتقييم الصحة العامة، لأنه يغفل عن تكوين الجسم الذي يُعتبر مؤشرًا أدق للصحة، بناءً على ذلك يوصي الخبراء بالتركيز على بناء العضلات الوظيفية مع التقدم في السن كاستراتيجية فعالة لتعزيز طول العمر وجودة الحياة، وفي سياق ذلك؛ تُثار مسألة هل يمكن أن تحمي السمنة من الأمراض كوسيلة لتمديد الحياة الصحية.
الفوائد المحتملة للسمنة ضد الأمراض بعد سن 65
أظهرت دراسة جديدة ستقدم في مؤتمر السمنة الأوروبي القادم أن الأفراد في الفئة العليا من النطاق الطبيعي لمؤشر كتلة الجسم 23-25 كغم/م² كانوا أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية في مراحل منتصف العمر، لكن هذه الفائدة تتغير مع تقدم العمر، فقد أظهرت النتائج أن الأفراد الذين تتراوح مؤشرات كتلة أجسامهم بين 26-28 كجم/م²، أي الذين يعانون من زيادة طفيفة في الوزن، كانوا الأقل عرضة للوفاة بأمراض القلب بعد تجاوزهم سن 65 .
اعتمدت الدراسة على بيانات من Biobank في المملكة المتحدة شملت 22874 شخصًا بالغًا تم تشخيصهم بمرض السكري من النوع الثاني. بين عامي 2006 و2010، وجدت الدراسة أن الأشخاص في منتصف العمر الذين لديهم مؤشر كتلة جسم في فئة الوزن الزائد يواجهون خطرًا أعلى بنسبة 13% للوفاة بسبب أمراض القلب، لكن بالنسبة لمن تجاوزوا سن 65 انخفض هذا الخطر بنسبة 18% عند الذين لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع قليلاً مقارنة بأقرانهم ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي.
هل يمكن أن تحمي السمنة من الأمراض بعد سن 65؟
للإجابة عن السؤال: هل يمكن أن تحمي السمنة من الأمراض بعد سن 65 علينا البحث بشكل أدق، فعلى الرغم من أن الدراسة ربما توحي بأن الوزن الزائد قد يكون مفيدًا مع التقدم في العمر، فإن الأطباء يحذرون من الاعتماد المفرط على مؤشر كتلة الجسم كونه لا يأخذ في الاعتبار تكوين الجسم الفعلي، فالدراسة كشفت أيضًا أن زيادة محيط الخصر ونسبة محيط الخصر إلى الطول ترتبط بزيادة خطر الوفاة بأمراض القلب بغض النظر عن العمر، ويوضح المختصون أن مؤشر كتلة الجسم يغفل الاختلافات بين الكتلة العضلية والدهون مما يجعل التفسير الدقيق للنتائج أمرًا صعبًا.
وأشارت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المصاحِبة لفقدان العضلات، وهي حالة تُعرف بسمنة ضمور اللحم (Sarcopenic obesity)، معرَّضون لمخاطر صحية أكبر. تتسم هذه الحالة بفقدان الكتلة العضلية الوظيفية المرتبطة بالعمر، وتبدأ في الانخفاض تدريجيًا من العقد الثالث من العمر. يُوصي الخبراء بالحفاظ على وزن صحي وزيادة الكتلة العضلية من خلال تمارين القوة، لأن ذلك قد يساعد في تقليل مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية ويحمي المفاصل والعظام مع التقدم في العمر.
ختامًا، يُظهر هذا البحث أهمية بنية الجسم، وخاصة نسبة العضلات إلى الدهون، في تقييم صحة الأفراد، وبالرغم من أن بعض الوزن الزائد قد يكون مفيدًا في مرحلة الشيخوخة؛ فإن زيادة الدهون الحشوية في البطن تبقى خطرة، لذا يبقى السؤال مطروحًا هل يمكن أن تحمي السمنة من الأمراض بشكل حقيقي فعلي؟ لذلك يُنصح بالتركيز على بناء العضلات وتقليل الدهون الحشوية بالرياضة المناسبة لضمان حياة صحية أطول.